الاثنين، 11 يونيو 2018

غـــــرام متســــــولة

قام ‏رمضان شحاته‏ بتحديث صورة الغلاف الخاصة به.
غـــــرام متســــــولة
...
تُحدق فيه لم تزل .. يعطيها جنيها أو خمس أو أكثر .. لاتعبأ ... ترتعش يداها وتتعمد مس يده .. يتعجب ويهمس لنفسه .. والله ماتلك بنظرات متسولة .. ترتعش شفتاها بكلمات ..
- كيف حالك سيدي .. ؟ هل أنت بخير .. ؟
ماعاد يستغرب نظراتها ولا سؤالها .. وان استغرب الآخرون .. تتسمر عينا المتسولة عليه بتوسل غريب ... يعطيها أحدهم مالا فلا تهتم بسواه .. تظل ترنو اليه بولَه فاضح ... وتعود شفتاها بهمسها المرتعش فلا يكاد يتبينه ...
علي باب المسجد جالسة .. عيونها ترقب بتوجس وخيفة الخارجين ... لاتنطق .. تهمس بدعواتها لمن يلقي إليها مالا ... كأنها آلة تتكلم .. فى إنتظاره .. لم يخرج بعد .. آه لو كنت رأيتني فى غير هذا الموضع .. لن تراني الآن الا شحاذة .. ليتني ماكنت .. كيف تراني إلّا محسناً يتصدق ... هل تُصدق ايها الرجل أن لي قلبا .... مازالت تحدث نفسها .. تنتظر مجيئه .. بشعره الأسود الذى يخالطه الشيب .. بلون عينيه العسليتين .. بطيبته ورقته .. هو وحده الذى يسأل عن حالي .. عادت تكلم نفسها ... آه لو تعلم حالي .. آه لو تعلم أن لي جسدا يرتعش لمس يدك .... هل تعلم انى أنتظر مجيئك كي أراك لا لتتصدق عليّ ... ؟ وكيف لك أن تعلم ...؟ كيف .. ؟ لم خُلِقْت هكذا .. شحاذة ؟ أتوسل المال وماسواه .. ؟
لم يخرج بعد .. وغادر كل المصلون المسجد ... عشرون يوماً لم تره .. مامنعك عن الصلاة سيدى ... ؟ إلّا أن تكون مريضا .. ليتني عرفت اسمك .. كنت سألت عنك وأتيتك حيثما تكون ... ياالهي .. كم أتوق له .. كم أشتهي طلته .. كم أتمني سؤاله عني .. كيف حالك هل أنت بخير .. متي يأتي ليسألني ..؟ أم تراه علم مابي فابتعد ... ياربي .. سأجن من حديثي لنفسي .. هل أحب .. وهل لمثلي أن تحب .. هل عشقت طيبته .. ؟ هل أحببت سؤاله عني .. ..
- كيف حالك .. يارب تكوني بخير ...
صُعقَت .. همست لنفسها .. هاهو واقف أمامي ... بعيونه التي تلمع حناناً كأنها علي وشك ضمي ... نظرت إليه .. حتي الهمس المرتعش لم تستطعه .. إختفت من عينيه الدهشة والنظرة المتسائلة .. بربي أنت تعرف مابي .. بربي .. لم تزل صامته واجمة .. ويده ممدوده بمال زائد .. كأنه يعوض غيابه ... نظر في عينيها .. قائلا بأدب .. تفضلي ...أمسكت يده الممدودة ... قربتها مسحورة لشفتيها .. لم ينزع يده .. بل طاوعها .. وأحس بمس شفتيها بباطن يده ... هاله دمعات قبل أن يرها بعينيها أحسها تجرى علي يده ..مسح علي رأسها .. ولم ينطق ..
- أين كنت ... ؟
لاتعرف كيف انفلت ذك السؤال من بين شفتيها ...
تبسم فأضاء وجهها ... وأشار لقدمه الموضوعة في جبيره ... شهقت ثم أجهشت ببكاء ..
- ليت قدمي التي كُسِرَت سيدي ... كيف لم أر حتي العصا التي تستند عليها .. ؟ ليتني أنا ... وتهدج صوتها وعادت لبكائها ...
- لاتبكي ذك يكفي .. بربك كفَى ...
- ليت عندي غيره أقدمه لك سيدي .. أرجو أن تسامحني إن أمسكت يدك ...
- يالقلبك ...
كأنما إنتزعها من جب عميق .. راحت تصرخ لنفسها .. هو يعلم .. هو والله يعلم أنّ لي قلبا .. رنت اليه بإمتنان ..
- أوَ تعلم سيدي أنّ لي قلبا .. ؟
- بل لك قلبا بوسع الكون سيدتي .. قلب ألف سيده ...
راحت تحملق فيه مشدوهة .. للحظات حلقت فوق كل الهامات ... للحظات فاقت كل أعناق السيدات ... للحظات .. نست من تكون ... كم أنت عظيم وحنون ياربي لتعيد خلقي بهذه الصورة ... قال إنّ لي قلبا .. وقال لي سيدتي ... .. لم يتصدق بكلماته تلك .. أعرف .. لم تكن كلماته صدقه مثل جنيهاته .... كم أنت جميل ورحيم ياربي لتتيح لي أن أسمع ماسمعت .. لم تنتبه وهو يودعها وينصرف ... تاركاً بقبضتها ماله ... أفاقت .. ومس يده لم يبرحها .. وعبق عطره احتواها .. وكلماته كالنغم المتردد فى سمعها لاينقطع .. نظرت للمال بيدها .. نادت شيخ المسجد .. أتاها .. مدت يدها بجنيهاته ..
- بربك ياشيخ ضع هذا المال للمسجد وادعو ربك أن يشفي صاحبه وأن يحفظه ..
..
رمضان شحاته
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق